الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

||<> ‫#‏رأي_وتحليل‬ ||<> تدويل الحرمين الشّريفين <>||




* قال آية الله إمامي كاشاني في خطبة صلاة الجمعة في طهران "اقترح على البلدان الإسلاميّة أن تلجأ إلى منظّمة التّعاون الإسلاميّ لتحديد مصير الحجّ لأنّ الحجّ ليس حكرا على النّظام السّعوديّ بل هو متعلّق بجميع الدّول الإسلاميّة".

* واقترح عضو اللّجنة الاجتماعيّة في مجلس الشّورى الإسلاميّ، محمّد إسماعيل سعيدي، إدارة الحرمين الشّريفين من قبل منظّمة التّعاون الإسلاميّ أو مجموعة من الدّول الإسلاميّة.

* ليست هذه هي المرّة الأولى الّتي تطالب فيها إيران بتدويل إدارة الحرمين، فقد حدث الأمر ذاته في عهد الخميني في الثّمانينيّات إبّان الحرب العراقيّة الإيرانيّة، عندما ساندت السّعوديّة العراق بقوّة، ما عرّض المملكة لهجوم إيرانيّ لاذع، وانطلقت دعوات تدويل الحرمين.

* وكما ذكرتُ في مقالتي السّابقة عن حادث تدافع منى، نادى (محمّد جواد لاريجاني) عندما وضع نظريّة "أمّ القرى" بتدويل الحرمين، وضرورة خروجهما عن السّيطرة السّعوديّة، وأنّ تدار عن طريق لجان دوليّة يكون لإيران فيها نصيب أكبر.

إذا غضضنا الطّرف عن الوقائع الّتي تشير بأصابع الاتّهام لإيران بالضّلوع في الحدث، فإنّنا لا ينبغي أن نناقش ردّ الفعل الإيرانيّ بمعزل عن عاصفة الحزم الّتي تقودها السّعوديّة ضدّ الحوثيّين أذناب إيران في اليمن.

* لقد وظّفت إيران هذا الحادث وأثارت زوبعات التّدويل، في وقت يتعثّر فيه المشروع الإيرانيّ بعد أن أوقفته السّعوديّة وحلفاؤها في محطّة اليمن الهامّة بالنّسبة لإيران، والّتي ما إن تسيطر على اليمن حتّى يسهل عليها الانطلاق إلى الحدود الخليجيّة المتاخمة.
بعض النّخب الفكريّة والثّقافيّة أيضا في الوطن العربيّ، قد أطلقوا هذه الدّعوة، وبدافع العداء لما يطلقون عليه الوهّابيّة في السّعوديّة، واعتبارها مرادفا للإرهاب والتّطرّف.

* في 9/ 2007م، كتب (ممدوح إسماعيل) مقالة على صحيفة المصريّون القاهريّة، أوضح فيها أنّه اطّلع على مقالة لـ(د. رفعت سيّد أحمد) مؤسّس ومدير مركز يافا للدّراسات، يهاجم فيها المملكة، ويدعو فيها إلى تدويل إدارة الحرمين.

* ثمّة بُعد آخر للدّعوة الإيرانيّة لتدويل الحرمين، وهو ما ذكره (د. فراس الزّوبعيّ)، حيث أكّد أنّ هذه الدّعوة "تتعلّق بمكانة المملكة العربيّة السّعوديّة الدّينيّة الّتي تكتسبها من وجود الحرمين داخل أراضيها، إضافة للمكانة السّياسيّة المتميّزة الّتي تتمتّع بها بين دول العالم، فمكانتها الدّينيّة تتيح لها القدرة على التّأثير على أكثر من مليار ونصف مليار مسلم في العالم، أي أنّها قادرة على التّأثير على 23% من سكّان العالم، وهذا يخيف إيران".

* تدويل الحرمين فكرة كارثيّة، من شأنها أن تنقل الصّراع الأيديولوجيّ في العالم الإسلاميّ إلى أرض الحرمين الشّريفين، وتجعلها عرضة لتسلّل الأفكار والسّلوكيّات الطّائفيّة، وزرع جيوب لإيران وغيرها في الدّولة السّعوديّة.

بينما الإدارة السّعوديّة الدّائمة للحرمين تحقّق الاستقرار والانضباط في الزّيارات والمشاعر والنّسك، وهو الأمر الّذي يبيّن براعة المملكة في إدارة الحرمين رغم وفود النّاس من كلّ مشرب ومذهب.

* تدويل الحرمين، يعني نزع القيادة الدينيّة للعالم السّنّيّ عن السّعوديّة، ما يضعف من ترابط السّنّة وهو عين المراد لدى الصّفويّين.

تدويل الحرمين خطوة على طريق تحقيق الهدف الأكبر لإيران في السّيطرة على السّعودية، وهو ما صرّحت به العديد من القيادات الدّينية والسّياسيّة في إيران.

في كتابه "الإسلام على ضوء التّشيّع"، قال حسين الخراسانيّ أحد رموز الجمهوريّة الإيرانيّة: "إنّ كلّ شيعيّ على وجه الأرض يتمنّى فتح وتحرير مكّة والمدينة وإزالة الحكم الوهّابيّ النّجس عنها".

* وفي احتفال رسميّ بالثّورة الخمينيّة أقيم في الأحواز بتاريخ 17-3- 1979م، ألقى الدّكتور (محمّد مهدي صادقي)، خطبة جاء فيها:
"وبعدما قمنا وثبّتنا على أقدامنا، ينتقل المجاهدون المسلمون إلى القدس وإلى مكّة المكرّمة وإلى أفغانستان".

وأضاف مبيّنا حيثيّات استهداف مكّة: "أصرّح يا إخوان المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أن مكة المكرمة حرم الله الآمن يحتلها شرذمة أشد من اليهود".

* السعودية استجابت لتوصيات منظمة المؤتمر الإسلامي باستقبال ألف حاج من كل مليون نسمة من كل دولة، إلا أن إيران وعُمّالها في العراق وغيرها، يفتعلون الأزمات من أجل بناء وعي جمعي بين المسلمين بعدم مقدرة المملكة على إدارة الحرمين، وبالتّالي ينطلقون إلى المطالبة بتدويل إدارتهما.

وعندما رفضت السّعوديّة سبعة آلاف حاج عراقيّ إضافيّ عام 2006م، حاولت حكومة إبراهيم الجعفريّ تسييس القضيّة متّهمة المملكة بالتّعامل على أساس طائفيّ، وهذه المرّة (بعد حادث منى) يطلق (نوري المالكيّ) الّذي يتحرّك بتوجيهات الولي الفقيه دعوته لوضع شؤون الحجّ تحت تخطيط وإدارة منظّمة التّعاون الإسلاميّ.

* على الدّعاة والمصلحين والنّخب والقيادات الدّينيّة والثّقافيّة والسّياسيّة وقادة الرّأي الشّرفاء في العالم الإسلاميّ، التّصدي لهذه الدّعوة بدعوة أخرى مضادّة، ونشر الوعي ببطلان هذه الدّعوة وكارثيّتها.

* لا نريد أن نستيقظ يوما ونجد أحد عمائم قم يؤمّ المصلّين في الحرم بمصحف فاطمة المزعوم.

ولا نريد أن نسمع أورادهم الّتي يلعنون فيها أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة (رضي الله عنهم جميعا) تتردّد في الحرمين.

ولا أن يرتقي منبرهما من يطعن في عرض أم المؤمنين عائشة.

* السّعوديّة مستهدفة اليوم كأشدّ ما يكون الاستهداف، والقيادة الجديدة تسير بخطى رصينة تستحقّ عليها الدّعم، فالله خير حافظا وهو أرحم الرّاحمين.

المصدر: الاتّحاد العالميّ للعلماء المسلمين



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق