الأربعاء، 14 أكتوبر 2015

||<> #أقولها_وأمضي ||<> خطورة الخلط بين الرّؤية والرّسالة والهدف <>||




الخلافات طبيعة بشريّة، لكن علاوة على الطّبيعة البشريّة، كثيرا ما تستفحل الخلافات بين البشر وتشتدّ، لا سيّما في ديار المسلمين، بسبب الخلط الخطير في أذهان النّاس بين الرّؤية والرّسالة والهدف والقيم.

الرّؤية ثابتة لا تتغيّر أبدا، أمّا الرّسالة والهدف والقيم، فقابلة للتّغيير والتّقديم والتّأخير وفق الزّمان والمكان والحال.


والّذين يستطيعون التّمييز والتّقديم والتّأخير في الرّسالة والهدف والقيم، هم الأذكياء أو الربّانيون. والرّبانيّون ليسوا هم العُبّاد المنقطعون، كما قد يتوهّم النّاس، لأنّ الرّبوبيّة هي التّدبير والحكمة والنّظر والقياس.

 وربّ العالمين، هو في واقع الأمر مدبّر أمرهم وحاكمهم والقائم على مصلحتهم وشؤونهم. وكذا ربّة البيت، وربّ الأسرة، وربّ العمل.

 فالرّبوبية هي حكمة محضة وميزان وقانون لتسيير الشّؤون وتصريف المصالح.


ومن أشهر الأمثلة على الخلط بين الرّؤية والرّسالة والهدف والقيم، ما يعيشه المسلمون اليوم من صراع مرير دامٍ، ظاهره دينيٌّ، حول الجهاد والطّائفيّة والثّورة والحرّيّة وغير ذلك.

فكثير من الشّباب فهم الرّؤية الإسلاميّة على أنّها أمنية الموت في سبيل الله عبر الجهاد المسلّح، والجهاد ليس هو رؤية أبدا، بل هو مجرّد وسيلة مؤقّتة لدرء شرّ محقّق، يُقدّره الرّبانيّون المستقلّون بإرادتهم عن إكراهات السّياسة وضروب التّقوى وضغوط المجتمع.

أمّا الرّؤية فهي هداية النّاس ودعوتهم للخيريّة المطلقة في كنف التّوحيد الخالص، وبذلك نفهم سبب افتتاح أوّل آية في سورة البقرة (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتّقين)، وعبّر عن ذلك أجمل تعبير جعفر ابن أبي طالب في خطابه العظيم بين يدي النّجاشيّ، وكرّره ربعيّ ابن عامر في خطابه الشّهير لقائد الفرس في يوم القادسيّة.

إنّ خلط النّاس بين الرّؤية والرّسالة والهدف والقيمة، ممّا ساهم في الغموض والتّناحر والفتن، بما جعل كلّ فئة تدّعي أنّها تبدأ من الصّفر، والصّفر عندها استئصال كلّ من يخالفها الرّأي، وكيف يمكن لأحد أن يبني إذا كان الآخرون يهدمون: متى يبلغ البنيان يومًا تمامَه... إذا كُنتَ تبنيه وغيرك يهدم ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق