الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

||<> ‫#‏فكر‬ و ‫#‏أدب‬ ||<> قصّة حبّ صوفيّة جمعت مي زيادة وجبران خليل جبران <>||



لقد فتح جبران فتحاً جديداً ورائعاً في دنيا الأدب العربي، عندما تحوّل عن التّأليف بالعربيّة إلى التّأليف بالأنقليزيّة.. حتّى لمع اسمه في كثير من الدّول الأجنبيّة.
نشأ بين جبران ومي زيادة، حبّ فريد لامثيل له في تاريخ الأدب، مثال للحبّ النّادر المتجرّد عن كلّ ماهو مادّيّ وسطحيّ.

لقد دامت تلك العاطفة بينهما زهاء عشرين عاماً، دون أن يلتقيا إلاّ في عالم الفكر والرّوح، والخيال الضّبابيّ، إذ كان جبران في مغارب الأرض مُقيماً وكانت مي في مشارقها، كان في أمريكا وكانت في القاهرة. لم يكن حبّ جبران وليد نظرة فابتسامة فسلام فكلام، بل كان حبّاً نشأ ونما عبر مراسلة أدبيّة طريفة ومساجلات فكريّة وروحيّة ألّفت بين قلبين وحيدين، وروحين مغتربتين، ومع ذلك كانا أقرب قريبين.
كان طبيعيّاً جدّاً أن يتعارف بطلا هذا الحبّ عن طريق الفكر والنّشر في أوائل هذا القرن، بعد أن أصاب كلّ منهما شهرة كبيرة.

ومن هنا كانت البداية ومن ثَمَّ تواصلٌ بالرّسائل الّتي كان كلّ منهما يبحث عن روح الآخر في يقظته وأحلامه، كان كلّ منهما يسعى لرؤية ذاته في روح صاحبه، حتّى لكأنّ تلك الرّوح هي المرآة الّتي ينعكس على صفحتها نور الأخر ... وكلّما قرأنا هذه الرّسائل النّابضة بالحياة النّاضحة بالصّدق، كلّما ازددنا يقيناً بأنّ الحبّ الّذي شدّ جبران إلى مي، وشغف مي بجبران، حبّ عظيم، يكاد يكون صوفيّاً لأنّه تخطّى حدود الزّمان والمكان والحواس إلى عالم تتّحد فيه قوّة الوجود.

كانت مي في حياة جبران الصّديقة، والحبيبة المُلهمة، وصلة الوصل بينه وبين وطنه، وأكثر ما أحبّه فيها عقلها النيّر الّذى تجلّى في مقالاتها وكتبها، وأحبّ فيها حبّها له، وإعجابها بشخصيّته وإنتاجه الأدبي والفنّيّ الّذي كانت تتناوله بالتّقريظ والنّقد في مقالاتها في مصر...

ممّا قاله جبران في إحدى رسائله لمي زيادة: أنا أعلم أنّ القليل في الحبّ لايرضيكِ، كما أعلم أنّ القليل في الحبّ لايرضيني، أنتِ وأنا لا ولن نرضى بالقليل، نحن نريد الكمال.
المُرجّح أنّها كانت حريصة على إخفائها عن النّاس جميعاً، وأبقتها سرّاً دفيناً في نفسها حتّى ذلك اليوم الّذي فُجعت بموته عام 1931م، فبعد انقضاء شهر على وفاته اعترفت ميّ لقرّائها بوجود مراسلة طويلة بينها وبين جبرانن وذلك في مقالة (جبران خليل جبران يصف نفسه في رسائله) ضمّتها فقرات قصيرة من رسائله إليها، وعبّرت عن حزنها العميق عليه مُصوِّرة غربتها وغربته في الوجود بعبارات موجعة قالت فيها:
"حسناً فعلتَ بأن رحلت! فإذا كان لديك كلمة أخرى فخير لك أن تصهرها وتثقّفها، وتطهّرها لتستوفيها في عالم ربّما يفضل عالمنا هذا في أمور شتّى..."

||<> ‫#‏اختيار‬ ‫#‏نفن_أسران‬ ||<>#محرّم 1437 <>||

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق